فلما انصرف رسول الله ﷺ إلى المدينة أتاه عامر بن قيس فأخبره بما قال الجلاس، فقال الجلاّس : كَذِب يا رسول الله عليّ، ما قلتُ شيئاً من ذلك، فأمر رسول الله ﷺ أن يحلفا عند المنبر بعد العصر، فحلف بالله الذي لا إله إلاّ هو ما قاله، وإنه كذب عليّ عامر، ثم قام عامر فحلف بالله الذي لا إله إلاّ هو لقد قاله وما كذبت عليه، ثم رفع عامر بيديه إلى السماء فقال : اللهم أنزل على نبيك الصادق منا المصدّق، فقال رسول الله ﷺ والمؤمنون : آمين، فنزل جبرئيل على النبي ﷺ قبل أن يتفرقا بهذه الآية حتى بلغ ﴿ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ فقام الجلاس، فقال : يارسول الله أسمع الله قد عرض عليّ التوبة، صدق عامر بن قيس في ذلك، لقد قلته وأنا أستغفر الله وأتوب إليه، فقبل رسول الله ﷺ ذلك منه ثم تاب فحسن توبته ".
قال قتادة : ذُكر لنا أن رجلين اقتتلا : رجلا من جهينة، ورجلاً من غفار، وكانت جهينة حلفاء الأنصار، وظفر الغفاري على الجهيني، فنادى عبد الله بن أُبي : أيّها الأوس انصروا أخاكم فوالله ما مثلنا ومثل محمد إلاّ كما قال القائل : سمّن كلبك يأكلك.
ثم قال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذلّ، فسعى بها رجل من المسلمين إلى رسول الله ﷺ فأرسل ﷺ إليه، فجعل يحلف بالله ما قال، فأنزل الله عز وجل : يحلفون بالله ما قالوا ﴿ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الكفر وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ ﴾.
قال مجاهد : هم المنافقون بنقل المؤمن الذي يقول لنحن شر من الحمير لكي لا يفشيه عليه.


الصفحة التالية
Icon