وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ يحلفون بالله ما قالوا ﴾
في سبب نزولها ثلاثة أقوال.
أحدها : أن رسول الله ﷺ ذكر المنافقين فعابهم ؛ فقال الجُلاس بن سويد : إن كان ما يقول على إخواننا حقاً، لنحن شرٌّ من الحمير، فقال عامر بن قيس : والله إنه لصادق، ولأنتم شرٌّ من الحمير ؛ وأخبر رسولَ الله ﷺ بذلك، فأتى الجلاسُ فقال : ما قلت شيئاً، فحلفا عند المنبر، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وذهب إلى نحوه الحسن، ومجاهد، وابن سيرين.
والثاني : أن عبد الله بن أُبيٍّ قال : والله لئن رجعنا إلى المدينة، ليُخرجن الأعزُّ منها الأذل، فسمعه رجل من المسلمين، فأخبر رسول الله ﷺ، فأرسل إليه، فجعل يحلف بالله ما قال، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة.
والثالث : أن المنافقين كانوا إذا خَلَوْا، سبُّوا رسول الله ﷺ وأصحابه، وطعنوا في الدين ؛ فنقل حذيفة إلى رسول الله ﷺ بعض ذلك، فحلفوا ما قالوا شيئاً، فنزلت هذه الآية، قاله الضحاك.
فأما كلمة الكفر، فهي سبُّهم رسول الله ﷺ، وطعنهم في الدين.
وفي سبب قوله :﴿ وهموا بمالم ينالوا ﴾ أربعة أقوال.
أحدها : أنها نزلت في ابن أُبيّ حين قال : لئن رجعنا إلى المدينة، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة.
والثاني : أنها نزلت فيهم حين همُّوا بقتل رسول الله، رواه مجاهد عن ابن عباس، قال : والذي همَّ رجل يقال له : الأسود.
وقال مقاتل : هم خمسة عشر رجلاً، هَمُّوا بقتله ليلة العقبة.
والثالث : أنه لما قال بعض المنافقين : إن كان ما يقول محمد حقاً، فنحن شرٌّ من الحمير ؛ وقال له رجل من المؤمنين : لأنتم شرٌّ من الحمير، همَّ المنافق بقتله ؛ فذلك قوله :﴿ وهموا بمالم ينالوا ﴾ هذا قول مجاهد.