والرابع : أنهم قالوا في غزوة تبوك : إذا قدمنا المدينة، عقدنا على رأس عبد الله بن أُبيّ تاجاً نباهي به رسول الله ﷺ ؛ فلم ينالوا ما همُّوا به.
قوله تعالى :﴿ وما نقموا إلا أن أغناهم الله ﴾ قال ابن قتيبة : أي : ليس ينقمون شيئاً، ولا يتعرفون من الله إلا الصنع، ومثله قول الشاعر :
مَا نَقَمَ النَّاسُ مِنْ أُمَيَّة إلاَّ...
أَنَّهُمْ يَحْلُمونَ إِنْ غَضِبُوا
وأنَّهم سَادَةُ المُلُوْكِ وَلاَ...
تَصْلُحُ إلاّ عَلَيْهِمُ العَرَبُ
وهذا ليس مما يُنقم، وإنما أراد أن الناس لا ينقمون عليهم شيئاً، وكقول النابغة :
ولا عَيْبَ فِيْهِم غَيْرَ أَنَّ سُيوفَهم...
بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائِبِ
أي : ليس فيهم عيب.
قال ابن عباس : كانوا قبل قدوم النبي ﷺ المدينة في ضَنْك من معاشهم، فلما قدم عليهم، غنموا، وصارت لهم الأموال.
فعلى هذا، يكون الكلام عامّاً.
وقال قتادة : هذا في عبد الله بن أُبيّ.
وقال عروة : هو الجلاس بن سويد، قُتل له مولى، فأمر له رسول الله ﷺ بديته، فاستغنى ؛ فلما نزلت :﴿ فإن يتوبوا يك خيراً لهم ﴾ قال الجلاس : أنا أتوب إلى الله.
قوله تعالى :﴿ وإن يتولَّوا ﴾ أي : يعرضوا عن الإيمان.
قال ابن عباس : كما تولَّى عبد الله بن أُبّي، ﴿ يعذبْهم الله عذاباً أليماً في الدنيا ﴾ بالقتل، وفي الآخرة بالنار. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾