فصل
قال الفخر :
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) ﴾
اعلم أن هذه السورة أكثرها في شرح أحوال المنافقين ولا شك أنهم أقسام وأصناف، فلهذا السبب يذكرهم على التفصيل فيقول :﴿وَمِنْهُمُ الذين يُؤْذُونَ النبى﴾ [ التوبة : ٦١ ] ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات﴾ [ التوبة : ٥٨ ] ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائذن لّي وَلاَ تَفْتِنّى﴾ [ التوبة : ٤٩ ] ﴿وَمِنْهُمْ مَّنْ عاهد الله لَئِنْ ءاتانا مِن فَضْلِهِ﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما : أن حاطب بن أبي بلتعة أبطأ عنه ماله بالشأم، فلحقه شدة، فحلف بالله وهو واقف ببعض مجالس الأنصار، لئن آتانا من فضله لأصدقن ولأؤدين منه حق الله، إلى آخر الآية، والمشهور في سبب نزول هذه الآية أن ثعلبة بن حاطب قال : يارسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً.
فقال عليه السلام :" يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه " فراجعه وقال : والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالاً لأعطين كل ذي حق حقه، فدعا له، فاتخذ غنماً، فنمت كما ينمو الدود، حتى ضاقت بها المدينة، فنزل وادياً بها، فجعل يصلي الظهر والعصر ويترك ما سواهما، ثم نمت وكثرت حتى ترك الصلوات إلا الجمعة.