ولولا الاحتمال في أنه نفاق معصية لوجب قتله، وقرأ الأعمش " لنصدقن " بالنون الثقيلة مثل الجماعة " ولنَكونَن " خفيفة النون، والضمير الذي في قوله ﴿ فأعقبهم ﴾ يعود على الله عز وجل.
ويحتمل أن يعود على " البخل " المضمن في الآية، ويضعف ذلك الضمير في ﴿ يلقونه ﴾، وقوله ﴿ نفاقاً في قلوبهم ﴾، يحتمل أن يكون نفاق كفر ويكون تقرير ثعلبة بعد هذا النص والإبقاء عليه لمكان إظهاره الإسلام وتعلقه بما فيه احتمال.
ويحتمل أن يكون قوله ﴿ نفاقاً ﴾ يريد به نفاق معصية وقلة استقامة، فيكون تقريره صحيحاً ويكون ترك في أول الزكاة عقاباً له ونكالاً.
وهذا نحو ما روي أن عاملاً كتب إلى عمر بن عبد العزيز أن فلاناً يمنع الزكاة، فكتب إليه أن دعه واجعل عقوبته أن لا يؤدي الزكاة مع المسلمين، يريد لما يلحقه من المقت في ذلك، وقرأ الحسن والأعرج وأبو عمرو وعاصم ونافع وسائرهم ﴿ يكذبون ﴾ قرأ أبو رجاء " يكذبون " وذكر الطبري في هذه الآية ما يناسبها من حديث رسول الله ﷺ :" ثلاث من كن فيه كان منافقاً خالصاً، إذا وعد أخلف وإذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان " وفي حديث آخر " وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر " ونحو هذا من الأحاديث، ويظهر من مذهب البخاري وغيره من أهل العلم أن هذه الخلال الذميمة منافق من اتصف بها إلى يوم القيامة.
وروي أن عمرو بن العاص لما احتضر قال زوجوا فلاناً فإني قد وعدته لا ألقى الله بثلث النفاق، وهذا ظاهر كلام الحسن بن أبي الحسن، وقال عطاء بن أبي رباح قد فعل هذه الخلال إخوة يوسف ولم يكونوا منافقين بل كانوا أنبياء، وهذه الأحاديث إنما هي في المنافقين في عصر النبي ﷺ، الذين شهد الله عليهم، وهذه هي الخصال في سائر الأمة معاص لا نفاق.