وأخرج ابن جرير وابن مردويه، من طريق العوفي عن ابن عباس نحوه، وفيه أنه جاء بعدُ إلى النبي ﷺ بصدقته له :< إن الله منعني أن أقبل منك >، فجعل التراب على رأسه. فقال :< هذا عملك، قد أمرتك فلم تطعني >، فقبض رسول الله ﷺ، فجاء بها إلى أبي بكر رضي الله عنه فلم يقبلها، وكذا عمر وعثمان، ثم إنه هلك في أيام عثمان.
قال الشهاب : مجيء ثعلبة وحثوه التراب، ليس للتوبة من نفاقه، بل للعار من عدم قبول زكاته مع المسلمين، وقوله صلوات الله عليه :< هذا عملك >، أي : جزاء عملك، وهو عدم إعطائه المصدقين، مع مقالته الشنعاء.
قال الحاكم : إن قيل : كيف لم تقبل صدقته وهو مكلف بالتصدق ؟ أجيب :
بأنه يحتمل أن الله تعالى أمر بذلك، كيلا يجترئ الناس على نقض العهد، ومخالفة أمر الله تعالى، وردّ سعاة النبيّ ﷺ، ويكون لطفاً في ترك البخل والنفاق.
الثاني : قال بعض المفسرين من الزيدية : ثمرة الآية وسبب نزولها أحكام :
منها : أن الوفاء بالوعد واجب، إذا تعلق العهد بواجب، والعهد إن حمل على اليمين بالله، فذلك ظاهر، وإن حمل النذر، ففي ذلك تأكيد لما أوجب الله.
ومنها : أن للإمام أن يفعل مثل ذلك لمصلحةٍ، أي : يمتنع من أخذ الواجب إذا حصل له وجه شابه الوجهَ الذي حصل في قصة ثعلبة. انتهى.
الثالث : قال السيوطي في " الإكليل " : فيها أن إخلاف الوعد والكذب من خصال النفاق، فيكون الوفاء والصدق من شعب الإيمان.
وفيها المعاقبة على الذنب بما هو أشد منه لقوله :﴿ فَاَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً ﴾ واستدل به قوم على أن من حلف إن فعل كذا فلله علي كذا، أنه يلزمه.
وآخرون على أن مانع الزكاة يعاقب بترك أخذها منه، كما فعل بمن نزلت الآية فيه. انتهى.


الصفحة التالية
Icon