وأقول لعل ابن عباس قال : إنها دار المقربين عند الله فإنه كان أعلم بالله من أن يثبت له داراً، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قلت يا رسول الله حدثني عن الجنة ما بناؤها فقال :" لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك الأذفر وترابها الزعفران وحصاؤها الدر والياقوت.
فيها النعيم بلا بؤس والخلود بلا موت، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه " وقال ابن مسعود : جنات عدن بطنان الجنة، قال الأزهري : بطنانها وسطها، وبطنان الأودية المواضع التي يستنفع فيها ماء السيل واحدها بطن، وقال عطاء عن ابن عباس : هي قصبة الجنة وسقفها عرش الرحمن وهي المدينة التي فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى، وسائر الجنات حولها وفيها عين التسنيم وفيها قصور الدر والياقوت والذهب فتهب ريح طيبة من تحت العرش فتدخل عليهم كثبان المسك الأذفر.
وقال عبد الله بن عمرو : إن في الجنة قصراً يقال له عدن، حوله البروج وله خمسة آلاف باب على كل باب خمسة آلاف حرة، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد، وأقول حاصل الكلام إن في جنات عدن قولان : أحدهما : أنه اسم علم لموضع معين في الجنة، وهذه الأخبار والآثار التي نقلناها تقوي هذا القول.
قال صاحب "الكشاف" : وعدن علم بدليل قوله :﴿جنات عَدْنٍ التى وَعَدَ الرحمن﴾ [ مريم : ٦١ ].
والقول الثاني : أنه صفة للجنة قال الأزهري : العدن مأخوذ من قولك عدن فلان بالمكان إذا أقام به، يعدن عدونا.
والعرب تقول : تركت إبل بني فلان عودان بمكان كذا، وهو أن تلزم الإبل المكان فتألفه ولا تبرحه، ومنه المعدن وهو المكان الذي تخلق الجواهر فيه ومنبعها منه، والقائلون بهذا الاشتقاق قالوا : الجنات كلها جنات عدن.