واعلم أنه تعالى لما وصف المؤمنين بكون بعضهم أولياء بعض، ذكر بعده ما يجري مجرى التفسير والشرح له فقال :﴿يَأْمُرُونَ بالمعروف وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر وَيُقِيمُونَ الصلاة وويؤتون الزَّكاةَ ويُطِيعُونَ اللهَ ورسولهُ﴾ فذكر هذه الأمور الخمسة التي بها يتميز المؤمن من المنافق، فالمنافق على ما وصفه الله تعالى في الآية المتقدمة يأمر بالمنكر، وينهى عن المعروف، والمؤمن بالضد منه.
والمنافق لا يقوم إلى الصلاة إلا مع نوع من الكسل والمؤمن بالضد منه.
والمنافق يبخل بالزكاة وسائر الواجبات كما قال :﴿وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾ والمؤمنون يؤتون الزكاة، والمنافق إذا أمره الله ورسوله بالمسارعة إلى الجهاد فإنه يتخلف بنفسه ويثبط غيره كما وصفه الله بذلك، والمؤمنون بالضد منهم.
وهو المراد في هذه الآية بقوله :﴿وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ﴾ ثم لما ذكر صفات المؤمنين بين أنه كما وعد المنافقين نار جهنم فقد وعد المؤمنين الرحمة المستقبلة وهي ثواب الآخرة، فلذلك قال :﴿أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ الله﴾ وذكر حرف السين في قوله :﴿سَيَرْحَمُهُمُ الله﴾ للتوكيد والمبالغة كما تؤكد الوعيد في قولك سأنتقم منك يوماً، يعني أنك لا تفوتني وإن تباطأ ذلك، ونظيره ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرحمن وُدّاً﴾ [ مريم : ٩٦ ] ﴿لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى﴾ [ الضحى : ٥ ] ﴿سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ [ النساء : ١٥٢ ].
ثم قال :﴿إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ وذلك يوجب المبالغة في الترغيب والترهيب لأن العزيز هو من لا يمنع من مراده في عباده من رحمة أو عقوبة، والحكيم هو المدبر أمر عباده على ما يقتضيه العدل والصواب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٦ صـ ١٠٤ ـ ١٠٥﴾


الصفحة التالية
Icon