وقال ابن عطية :
﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ﴾
هذه آية تتضمن وصف حالهم على جهة التوبيخ لهم وفي ضمنها وعيد، وقوله ﴿ المخلفون ﴾ لفظ يقتضي تحقيرهم وأنهم الذين أبعدهم الله من رضاه وهذا أمكن في هذا من أن يقال المتخلفون، ولم يفرح إلا منافق، فخرج من ذلك الثلاثة وأصحاب العذر، و" مقعد " مصدر بمعنى القعود، ومثله :
من كان مسروراً بمقتل مالك... وقوله ﴿ خلاف ﴾ معناه بعد وأنشد أبو عبيدة في ذلك :[ الكامل ]
عقب الربيع خِلاَفُهمْ فكأنَّما... بسط الشواطب بينهنَّ حصير
يريد بعدهم ومنه قول الشاعر :[ الطويل ]
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى... تأهَّبْ لأخرى مثلَها فَكَأَنْ قدِ
وقال الطبري هو مصدر خالف يخالف.
قال القاضي أبو محمد : فعلى هذا هو مفعول له، والمعنى ﴿ فرح المخلفون بمقعدهم ﴾ لخلاف رسول الله ﷺ أو مصدر ونصبه في القول الأول كأنه على الظرف، وكراهيتهم " لما ذكر هي شح إذ لا يؤمنون بالثواب في سبيل الله فهم يظنون بالدنيا، وقولهم ﴿ لا تنفروا في الحر ﴾ كان لأن غزوة تبوك كانت في وقت شدة الحر وطيب الثمار والظلال، قاله ابن عباس وكعب بن مالك والناس، فأقيمت عليهم الحجة بأن قيل لهم فإذا كنتم تجزعون من حر القيظ فنار جهنم التي هي أشد أحرى أن تجزعوا منها لو فهمتم، وقرأ ابن عباس وأبو حيوة " خلف " وذكرها يعقوب ولم ينسبها وقرىء " خُلف " بضم الخاء، ويقوي قول الطبري أن لفظة " الخلاف " هي مصدر من خالف ما تظاهرت به الروايات من أن رسول الله ﷺ أمرهم بالنفر فعصوا وخالفوا وقعدوا مستأذنين.
وقال محمد بن كعب : قال ﴿ لا تنفروا في الحر ﴾ رجل من بني سلمة.
وقال ابن عباس : قال رجل يا رسول الله الحر شديد فلا تنفر في الحر، قال النقاش : وفي قراءة عبد الله " يعلمون " بدل ﴿ يفقهون ﴾، وقال ابن عباس وأبو رزين والربيع بن خيثم وقتادة وابن زيد. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾