وقال الآلوسى :
﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ﴾
﴿ فَرِحَ المخلفون ﴾ أي الذين خلفهم النبي ﷺ وأذن لهم في التخلف أو خلفهم الله تعالى بتثبيطه إياهم لحكمة علمها أو خلفهم الشيطان باغرائه أو خلفهم الكسل والنفاق ﴿ بِمَقْعَدِهِمْ ﴾ متعلق بفرح وهو مصدر ميمي بمعنى القعود.
وقيل : اسم مكان، والمراد منه المدينة، والأكثرون على الأول أي فرحوا بقعودهم عن الغزو ﴿ خلاف رَسُولِ الله ﴾ أي خلفه عليه الصلاة والسلام وبعد خروجه حيث خرج ولم يخرجوا، فهو نصب على الظرفية بمعنى بعد وخلف وقد استعملته العرب في ذلك، والعامل فيه كما قال أبو البقاء ﴿ مَقْعَدِ ﴾ وجوز أن يكون ﴿ فَرِحَ ﴾.
وقيل : هو بمعنى المخالفة فيكون مصدر خالف كالقتال وحينئذ يصح أن يكون حالاً بمعنى مخالفين لرسول الله ﷺ وأن يكون مفعولاً له والعامل إما ﴿ فَرِحَ ﴾ أي فرحوا لأجل مخالفته ﷺ بالقعود وإما ﴿ مقعدهم ﴾ أي فرحوا بقعودهم لأجل المخالفة، وجعل المخالفة علة باعتبار أن قصدهم ذلك لنفاقهم ولا حاجة إلى أن يقال قصدهم الاستراحة ولكن لما آل أمرهم إلى ذلك جعل علة كما قالوا في لام العاقبة وجوز أن يكون نصباً على المصدر بفعل دل عليه الكلام.
﴿ وَكَرِهُواْ أَن يجاهدوا بأموالهم وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ الله ﴾ إيثاراً للراحة والتنعم بالمآكل والمشارب مع ما في قلوبهم من الكفر والنفاق، وبين الفرح والكراهة مقابلة معنوية لأن الفرح بما يحب.