وقال القاسمى :
﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾
المخلفون : هم الذين استأذنوا رسول الله ﷺ من المنافقين، فأذن لهم في التخلف كما قلنا، أو لأنه خلفهم في المدينة في غزوة تبوك.
وإيثار :﴿ الْمُخَلَّفُونَ ﴾ على المتخلفون، لأنه ﷺ منع بعضهم من الخروج، فغلب على غيرهم، أو المراد من خلفهم كسلُهم أو نفاقهم، أو لأن الشيطان أغراهم بذلك، وحملهم عليه.
وقوله تعالى :﴿ بِمَقْعَدِهِمْ ﴾ متعلق بفرح، أي : بقعودهم عن غزوة تبوك. فمقعد على هذا، مصدر ميميّ، أو هو اسم مكان، والمراد به المدينة.
وقوله :﴿ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ ﴾ أي : خلفه، وبعد خروجه، حيث خرج ولم يخرجوا.
فخلاف ظرف بمعنى خلف وبعد.
يقال : فلان أقام خلاف الحي أي : بعدهم، ظعنوا ولم يظعن، ويؤيده قراءة من قرأ :﴿ خلف رسول الله ﴾، فانتصابه على أنه ظرف لمقعدهم، إذ لا فائدة لتقييد فرحهم بذلك.
قال الشهاب : واستعمال خلاف بمعنى خلف، لأن جهة الخلف خلاف الأمام، وجوز أن يكون الخلاف بمعنى المخالفة، فهو مصدر خالف، كالقتال، ويعضده قراءة من قرأ ( خُلف رسول الله ) بضم الخاء، وفي نصبه وجهان :
الأول : أنه مفعول له، والعامل إما فرح، أي : فرحوا لأجل مخالفته ﷺ بالقعود، وإما مقعدهم، لأجل مخالفته ﷺ، فهو علة إما للفرح أو للقعود.