فصل
قال الفخر :
﴿فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا﴾ وهذا وإن ورد بصيغة الأمر إلا أن معناه الإخبار بأنه ستحصل هذه الحالة، والدليل عليه قوله بعد ذلك :﴿جَزآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ ومعنى الآية أنهم، وإن فرحوا وضحكوا في كل عمرهم، فهذا قليل لأن الدنيا بأسرها قليلة، وأما حزنهم وبكاؤهم في الآخرة فكثير، لأنه عقاب دائم لا ينقطع، والمنقطع بالنسبة إلى الدائم قليل، فلهذا المعنى قال :﴿فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا﴾ قال الزجاج : قوله :﴿جَزَاء﴾ مفعول له، والمعنى وليبكوا لهذا الغرض.
وقوله :﴿بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ أي في الدنيا من النفاق واستدلال المعتزلة بهذه الآية على كون العبد موجداً لأفعاله، وعلى أنه تعالى لو أوصل الضرر إليهم ابتداء لا بواسطة كسبهم لكان ظالماً، مشهور، وقد تقدم الرد عليهم قبل ذلك مراراً تغني عن الإعادة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٦ صـ ١١٩﴾