وفعل :﴿ رضيتم ﴾ يدلّ على أنّ ما ارتكبوه من القعود عمل من شأنه أن يأباه الناس حتّى أطلق على ارتكابه فعل رَضِي المشعرُ بالمحاولة والمراوضة.
جُعلوا كالذي يحاول نفسه على عمل وتأبى حتّى يرضيها كقوله تعالى :﴿ أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ﴾ [ التوبة : ٣٨ ] وقد تقدّم ذلك.
وانتصب ﴿ أول مرة ﴾ هنا على الظرفية لأنّ المرّة هنا لمّا كانت في زمن معروف لهم وهو زمن الخروج إلى تبوك ضمنت معنى الزمان.
وانتصاب المصدر بالنيابة عن اسم الزمان شائع في كلامهم، بخلاف انتصابها في قوله :﴿ وهم بدأوكم أول مرة ﴾ [ التوبة : ١٣ ] وفي قوله :﴿ إن تستغفر لهم سبعين مرة ﴾ [ التوبة : ٨٠ ] كما تقدّم.
و﴿ أول مرة ﴾ هي غزوة تبوك التي تخلّفوا عنها.
وأفعل التفضيل إذا أضيف إلى نكرة اقتصر على الإفراد والتذكير ولو كان المضاف إليه غير مفرد ولا مذكر لأنّ في المضاف إليه دلالة على المقصود كافية.
والفاء في ﴿ فاقعدوا ﴾ تفريع على ﴿ إنكم رضيتم بالقعود ﴾، أي لمَّا اخترتم القعود لأنفسكم فاقعدوا الآن لأنّكم تحبّون التخلّف.
و﴿ الخالفين ﴾ جمع خالف وهو الذي يخلُف الغازي في أهله وكانوا يتركون لذلك.
من لا غناء له في الحرب.
فكونهم مع الخالفين تعيير لهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon