في الآية التي نحن بصددها ﴿ فَإِن رَّجَعَكَ الله ﴾ الفاعل هو الله، أما في قوله الحق :﴿ وَلَمَّا رَجَعَ موسى ﴾ نجد أن موسى هو الفاعل ولا يوجد مفعول به، إذن ف " رجع " يمكن أن يكون فعلاً لازماً، كأن تقول :" رجع محمد من الغزوة ". ويمكن أن يكون فعلاً متعدياً كقوله سبحانه :﴿ فَإِن رَّجَعَكَ الله ﴾ أي : يا محمد من الغزوة. إذن : فرجع تستعمل لازمة وتستعمل متعدية. ولكن في قصة سيدنا موسى عليه السلام ؛ عندما ألقته أمه في البحر والتقطه آل فرعون ؛ ومشت أخته تتبعه ؛ ثم حرَّم الله عليه المراضع ليعيده إلى أمه كي يزيل حزنهان يقل الحق سبحانه :﴿ إِذْ تمشي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ على مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ... ﴾ [ طه : ٤٠ ]
ما هو الفرق بين الآيات الثلاث؟ ولماذا استعمل فعل " رجع " لازماً ومتعدياً؟
نقول : إنه في قول الحق سبحانه وتعالى :﴿ وَلَمَّا رَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ ﴾ هنا هيئ لموسى من ذاته أن يرجع، أي : انه قرار اختياري من موسى، أما قوله تعالى :﴿ فَرَجَعْنَاكَ إلى أُمِّكَ ﴾، فموسى في هذه المرحلة ؛ كان طفلاً رضيعاً لا يستطيع أن يرجع بذاته، ولا بد أن يهيئ له الحق طريقة لإرجاعه، أي : من يحمله ويرجعه.
أما قوله تعالى :﴿ فَإِن رَّجَعَكَ الله إلى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ ﴾ فقد كان من الممكن أن يقال :" وإذا رجع إلى طائفة منهم " مثلما قال في موسى عليه السلام :﴿ وَلَمَّا رَجَعَ موسى ﴾ ولكن الحق استخدم ﴿ رَّجَعَكَ ﴾ ليدل على أن زمام محمد عليه الصلاة والسلام في الفعل والترك ليس بيده.


الصفحة التالية
Icon