ثم علل عدم المغفرة لهم بقوله :﴿ ذلك بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَرَسُولِهِ ﴾ أي : ذلك الامتناع بسبب كفرهم بالله ورسوله ﴿ والله لاَ يَهْدِى القوم الفاسقين ﴾ أي : المتمرّدين الخارجين عن الطاعة المتجاوزين لحدودها، والمراد هنا : الهداية الموصلة إلى المطلوب، لا الهداية التي بمعنى الدلالة وإراءة الطريق.
ثم ذكر سبحانه نوعاً آخر من قبائح المنافقين، فقال :﴿ فَرِحَ المخلفون بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُولِ الله ﴾ المخلفون : المتروكون، وهم الذين استأذنوا رسول الله ﷺ من المنافقين، فأذن لهم وخلفهم بالمدينة في غزوة تبوك، أو الذين خلفهم الله وثبطهم، أو الشيطان، أو كسلهم، أو المؤمنون، ومعنى ﴿ بِمَقْعَدِهِمْ ﴾ أي : بقعودهم يقال : قعد قعوداً ومقعداً : أي جلس، وأقعده غيره، ذكر معناه الجوهري فهو متعلق بفرح : أي فرح المخلفون بقعودهم، وخلاف رسول الله منتصب على أنه ظرف لمقعدهم.
قال الأخفش ويونس : الخلاف بمعنى الخلف : أي بعد رسول الله ﷺ، وذلك أن جهة الإمام التي يقصدها الإنسان تخالفها جهة الخلف.
وقال قطرب والزجاج : معنى خلاف رسول الله : مخالفة الرسول حين سار وأقاموا، فانتصابه على أنه مفعول له : أي قعدوا لأجل المخالفة، أو على الحال مثل : وأرسلها العراك : أي مخالفين له، ويؤيد ما قاله الأخفش ويونس قراءة أبي حيوة " خلف رسول الله ".