قوله :﴿ وَكَرِهُواْ أَن يجاهدوا بأموالهم وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ الله ﴾ سبب ذلك الشحّ بالأموال والأنفس، وعدم وجود باعث الإيمان، وداعي الإخلاص، ووجود الصارف عن ذلك، وهو ما هم فيه من النفاق، وفيه تعريض بالمؤمنين الباذلين لأموالهم وأنفسهم في سبيل الله لوجود الداعي معهم، وانتفاء الصارف عنهم ﴿ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِى الحر ﴾ أي : قال المنافقون لإخوانهم هذه المقالة تثبيطاً لهم، وكسراً لنشاطهم، وتواصياً بينهم بالمخالفة لأمر الله ورسوله، ثم أمر الله رسوله ﷺ أن يقول لهم :﴿ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴾ والمعنى : أنكم أيها المنافقون كيف تفرّون من هذا الحرّ اليسير، ونار جهنم التي ستدخلونها خالدين فيها أبداً أشدّ حرّاً مما فررتم منه، فإنكم إنما فررتم من حرّ يسير في زمن قصير، ووقعتم في حرّ كثير في زمن كبير، بل غير متناه أبد الآبدين، ودهر الداهرين.
فكنت كالساعي إلى مثعب... موائلاً من سبل الراعد
وجواب " لو " في ﴿ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴾ مقدّر، أي : لو كانوا يفقهون أنها كذلك لما فعلوا ما فعلوا.


الصفحة التالية
Icon