وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تُصَلّ على أَحَدٍ مّنْهُم مَّاتَ أَبَداً ﴾
يعني : لا تصل أبداً على من مات من المنافقين.
﴿ وَلاَ تَقُمْ على قَبْرِهِ ﴾، يعني : لا تدفنه.
﴿ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَرَسُولِهِ ﴾ في السر، ﴿ وَمَاتُواْ وَهُمْ فاسقون ﴾ ؛ يعني : ماتوا على الكفر.
قال مقاتل : ذلك أن النبي ﷺ جاء إليه عبد الله بن أُبَيّ ابن سلول، وهو رأس المنافقين حين مات أبوه، فقال : أنشدك الله أن لا تشمت بي الأعداء.
فطلب منه أن يصلي على أبيه، فأراد النبي أن يفعل، فنزلت هذه الآية، فانصرف النبي عليه السلام ولم يصل عليه.
وقال في رواية الكلبي : لما اشتكى عبد الله بن أُبي ابن سلول، عاده رسول الله ﷺ، فطلب منه عبد الله أن يصلي عليه إذا مات، وأن يقوم على قبره، وأن يكفنه في القميص الذي يلي جلده فقبل ذلك رسول الله ﷺ ؛ قال عمر : فجئت إلى رسول الله ﷺ حين أراد أن يصلي عليه فقلت : يا رسول الله، أتصلي عليه وهو صاحب كذا وكذا؟ فقال :" دَعْنِي يا عُمَر " ثم عدت ثانياً، ثم عدت ثالثاً، فنزلت هذه الآية.
وروى عكرمة، عن ابن عباس أن النبي ﷺ قد صلى عليه، وقام على قبره، وكفنه في قميصه، فنزل ﴿ وَلاَ تُصَلّ على أَحَدٍ مّنْهُم مَّاتَ أَبَداً ﴾ الآية فنهي أن يصلي على أحد من المنافقين بعده.
قال ابن عباس : والله لا أعلم أي صلاة كانت؟ وما خادع رسول الله ﷺ إنساناً قط.
وفي خبر آخر أنّ عمر قال يا رسول الله أتصلي عليه، وتعطيه قميصك وهو كافر منافق؟ فقال النبي ﷺ :" وَمَا عَلِمْتَ يا عُمَرُ، عَسَى أنْ يُسْلِمَ بِسَبَبِ هذا القَمِيصِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَلا يُغْنِيهِ قَمِيصٌ مِنْ عَذابِ الله شَيْئاً ".
فأسلم من أهاليه ومن بني الخزرج خلق كثير.
وقالوا : لولا أن عبد الله عرفه حقاً، ما تبرك بقميصه، وما طلب منه أن يصلي عليه. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon