وهكذا نرى أن معنى الآيتين مختلف تماماً وليس هناك تكرار.
كذلك في الآية التي نحن بصددها، يقول بعض الناس : إن هذه الآية قد رودت في نفس السورة، نفول لهم : نعم. ولكن هذه لها معنى والأخرى لها معنى آخر ؛ فأين الاختلاف في الآيتين ؛ حتى نعرف أنهما ليستا مكررتين؟ الآية الأولى تقول :﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحياوة الدنيا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [ التوبة : ٥٥ ]
والآية الثانية التي نحن بصددها تقول :﴿ وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدنيا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [ التوبة : ٨٥ ]
أول اختلاف نجده في بداية الآيتين ؛ ففي الآية الأولى :﴿ فَلاَ تُعْجِبْك ﴾، والثانية :﴿ وَلاَ تُعْجِبْكَ ﴾.
ففي الآية الأولى جاء الحق سبحانه وتعالى بالفاء، والفاء تقتضي الترتيب. إذن : فهذه الآية مترتبة على ما قبلها، وهي قوله تعالى :﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصلاوة إِلاَّ وَهُمْ كسالى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [ التوبة : ٥٤ ]
فكأن هذه حيثيات كفرهم ؛ فهم لا يُصلُّون إلا نفاقاً، ولا ينفقون مالاً في سبيل الله إلا وهم يكرهون ذلك.
والمتعة في المال أن تنفقه فيما تحب، فإذا أحببت طعاماً أشتريته، وإذا أحببت ثوباً ابتعته. وتكون في هذه الحالة مسروراً وأنت تنفق مالك، ولكن هؤلاء ينفقون المال وهم كارهون.
والمؤمن عندما ينفق ماله في صدقة أو زكاة فهو يفعل ذلك إيماناً منه بأن الله سبحانه وتعالى سيعطيه أضعاف أضعاف الأجر في الدنيا والآخرة. إذن : فحين ينفق المؤمن ماله في الزكاة، يكون فرحاً لأنه عمل لدنياه ولآخرته.


الصفحة التالية
Icon