ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى مَا يَجِبُ مِنَ الْجَزَاءِ الَّذِي يُعَامَلُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، مِمَّا يَقْتَضِي انْقِضَاءَ عَهْدِ فَرَحِهِمْ وَغِبْطَتِهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ بِالتَّمَتُّعِ بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ الصُّورِيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ فَقَالَ : فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فِعْلُ " رَجَعَ " يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ (٢٠ : ٨٦) وَقَوْلِهِ : فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ (١٢ : ٦٣) وَمَصْدَرُهُ الرُّجُوعُ وَيُسْتَعْمَلُ مُتَعَدِّيًا كَهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَوْلِهِ : فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ (٢٠ : ٤٠) وَمَصْدَرُهُ اَلرَّجْعُ وَالْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ ; لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ. وَالْمَعْنَى : فَإِنْ رَدَّكَ اللهُ أَيُّهَا الرَّسُولُ مِنْ سَفَرِكَ هَذَا إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، أَيِ الْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَمَا كُلُّ مَنْ تَخَلَّفَ كَانَ مُنَافِقًا : فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ مَعَكَ فِي غَزَاةٍ أَوْ غَيْرِ غَزَاةٍ مِمَّا تَخْرُجُ لِأَجْلِهِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا أَيْ : لَنْ يَكُونَ لَكُمْ شَرَفُ صُحْبَةِ الْإِيمَانِ بِالْخُرُوجِ مَعِي إِلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَا إِلَى غَيْرِهِ كَالنُّسُكِ أَبَدًا مَا بَقِيتُ : وَلَنْ تُقَاتِلُوا


الصفحة التالية
Icon