وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ ﴾
وكلمة ﴿ سَيَحْلِفُونَ ﴾ فيها سرّ إعجازي من الله ؛ لأن حرف " السين " هنا تدلنا على أنهم لم يحلفوا بعد، أي أن الآية نزلت وقُرئت وسمعها المؤمنون والمنافقون قبل أن يحلف المنافقون، وآيات القرآن تُتْلى وتُقرأ في الصلاة، ولا تتغير ولا تتبدل إلى يوم القيامة.
ولو كان للمنافقين قدرة على التدبر لما جاءوا وحلفوا. ولقالوا : إن رسول الله ﷺ قال في قرآن يوحي إليه : إننا سنأتي ونحلف، ونحن لن نأتي ولن نحلف ؛ ولكن لأن الله هو القائل وهو الخالق وهو الفاعل، فقد شاء أن تغيب الفطنة عن أذهانهم، مثلما قال سبحانه من قبل :﴿ سَيَقُولُ السفهآء مِنَ الناس مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ... ﴾ [ البقرة : ١٤٢ ]
وهم قد قالوا ذلك بعد نزول الآية.
والحق سبحانه وتعالى يقول هنا :﴿ سَيَحْلِفُونَ بالله لَكُمْ إِذَا انقلبتم إِلَيْهِمْ ﴾ والانقلاب معناه التحول من حال إلى حال. ومعنى الانقلاب في هذه الآية مقصود به العودة إلى المدينة مقر السلام والأمن بعد الحرب، فكأن الاعتدال في القتال والانقلاب في العودة إلى المدينة. ولكن لماذا سيحلف المنافقون بالله للمؤمنين؟ يقول الحق سبحانه :﴿ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ ﴾ أي : لتعرضوا عن توبيخهم ولومهم وتعنيفهم ؛ لأنهم لم يجاهدوا معكم.