وَصِدْقِهِمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْإِصْرَارَ عَلَى نِفَاقِكُمْ وَالِاعْتِمَادَ عَلَى نِفَاقِ سُوقِ كَذِبِكُمْ بِأَعْذَارِكُمْ وَأَيْمَانِكُمْ، فَسَيُعَامِلُكُمْ رَسُولُهُ بِمَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ جِهَادِكُمْ وَالْإِغْلَاظِ عَلَيْكُمْ كَإِخْوَانِكُمُ الْكُفَّارِ الْمُجَاهِرِينَ، وَعَدَمِ السَّمَاحِ لَكُمْ بِالْخُرُوجِ مَعَهُ أَبَدًا وَلَا بِأَنْ تُقَاتِلُوا مَعَهُ عَدُوًّا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ إِهَانَةٍ وَاحْتِقَارٍ (ثُمَّ تُرَدُّونَ) مِنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ عَلَى الذُّلِّ وَالْمَوْتِ عَلَيْهِ :(إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) الَّذِي يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ، وَمَا تَكْتُمُونَ وَمَا تُظْهِرُونَ.
وَالْغَيْبُ : مَا غَابَ عَنِ الْمُخَاطَبِينَ عِلْمُهُ، وَالشَّهَادَةُ :
مَا يَشْهَدُونَهُ وَيَعْرِفُونَهُ (١) (فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) عِنْدَمَا تُحْشَرُونَ وَتُحَاسَبُونَ، وَيُجَازِيكُمْ عَلَيْهِ بِمَا تَسْتَحِقُّونَ، وَهُوَ مَا أَوْعَدَكُمْ بِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَفِي غَيْرِهَا كَقَوْلِهِ :(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) (٤ : ١٤٥).
وَمِنَ الْفِقْهِ فِي الْآيَةِ أَنَّ مِنْ آدَابِ الْإِسْلَامِ تَحَامِيَ كُلِّ ذَنْبٍ أَوْ تَقْصِيرٍ يَحْتَاجُ فَاعِلُهُ إِلَى الِاعْتِذَارِ، وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ (إِيَّاكَ وَكُلَّ أَمْرٍ يُعْتَذَرُ مِنْهُ) رَوَاهُ الضِّيَاءُ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَارَةِ عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَى غَيْرُهُ مِثْلَهُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ آخَرَ.


الصفحة التالية
Icon