وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ : الْأَعْرَابِيُّ لَزِيَمُ الْبَادِيَةِ، وَالْعَرَبِيُّ مَنْسُوبٌ إلَى الْعَرَبِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذِهِ النِّسْبَةَ قَدْ تَكُونُ نِسْبَةَ جِنْسٍ كَالْأَعْرَابِيِّ، وَقَدْ تَكُونُ نِسْبَةَ لِسَانٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَعَاجِمِ إذَا تَعَلَّمَهَا.
وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ أَنَّ الْأَعْرَابَ جَمْعٌ، وَهُوَ بِنَاءٌ لَهُ فِي الْوَاحِدِ أَمْثَالٌ مِنْهَا : فُعْلٌ وَفَعْلٌ وَفِعْلٌ وَفَعَلٌ، كَقُفْلٍ وَأَقْفَالٍ، وَفَلْسٍ وَأَفْلَاسٍ، وَحِمْلٍ وَأَحْمَالٍ، وَجَمَلٍ وَأَجْمَالٍ، وَلَمْ أَجِدْ عَرَبًا بِكَسْرِ الْفَاءِ إلَّا فِي نَوْعٍ مِنْ النَّبَاتِ لَا يَسْتَجِيبُ مَعَ سَائِرِ
الْأَبْنِيَةِ، وَيَا لَيْتَ شَعْرِي، مَا الَّذِي يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْأَعْرَابِيُّ مَنْسُوبًا إلَى الْأَعْرَابِ، وَالْعَرَبِيُّ مَنْسُوبًا إلَى الْعَرَبِ، وَيَكُونُ الْأَعْرَابُ هُمْ الْعَرَبَ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ يَا سَلْمَانُ ؛ لَا تَبْغَضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَك.
قَالَ : وَكَيْفَ أَبْغُضُك يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : تَبْغُضُ الْعَرَبَ ﴾.
وَقَالَ :﴿ مَنْ غَشَّ الْعَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي ﴾.
وَقَالَ :﴿ مِنْ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ هَلَاكُ الْعَرَبِ ﴾.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَتَفُرُّنَّ مِنْ الدَّجَّالِ حَتَّى تَلْحَقُوا بِالْجِبَالِ.
قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : هُمْ قَلِيلٌ ﴾.
وَقَالَ أَيْضًا :﴿ سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ، وَيَافِثُ أَبُو الرُّومِ، وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشِ ﴾.
وَمِنْ غَرِيبِ هَذَا الِاسْمِ أَنَّ بِنَاءَهُ فِي التَّرْكِيبِ لِلتَّعْمِيمِ بِنَاءَ الْحُرُوفِ فِي الْمَخَارِجِ عَلَى التَّرْتِيبِ.