وقال أبو السعود :
﴿ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا ﴾
﴿ الأعراب ﴾ هي صيغةُ جمعٍ وليست بجمع للعرب قاله سيبويه لئلا يلزمَ كونُ الجمع أخصَّ من الواحد فإن العربَ هو هذا الجيلُ الخاصُّ سواء سكنَ البواديَ أم القرى، وأما الأعرابُ فلا يطلق إلا على من يسكن البواديَ ولهذا نسب إلى الأعراب على لفظه فقيل : أعرابيٌّ وقال أهلُ اللغة : رجلٌ عربيٌ وجمعُه العَرَبُ كما يقال : مَجوسيٌّ ويهوديٌّ ثم يحذف ياء النسب في الجمع فيقال : المجوس واليهود ورجلٌ أعرابي ويجمع على الأعراب والأعاريب أي أصحاب البدو ﴿ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا ﴾ من أهل الحضَر لجفائهم وقسوةِ قلوبهم وتوحُّشهم ونشئِهم في معزل من مشاهدة العلماء ومفاوضتهم، وهذا من باب وصف الجنسِ بوصف بعض أفرادِه كما في قوله تعالى :﴿ وَكَانَ الإنسان كَفُورًا ﴾ إذ ليس كلُّهم كما ذُكر على ما ستحيط به خُبراً ﴿ وَأَجْدَرُ أَن لا يَعْلَمُواْ ﴾ أي أحقُّ وأخلقُ بأن لا يعلموا ﴿ حُدُودَ مَا أَنزَلَ الله على رَسُولِهِ ﴾ لبعدهم عن مجلسه ﷺ وحِرمانِهم من مشاهدة معجزاتِه ومعاينةِ ما ينزل عليه من الشرائع في تضاعيف الكتابِ والسنة ﴿ والله عَلِيمٌ ﴾ بأحوال كلَ من أهل الوَبر والمدَر ﴿ حَكِيمٌ ﴾ فيما يصيب به مسيئَهم ومحسنَهم من العقاب والثواب. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon