وقال الآلوسى :
﴿ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا ﴾
﴿ الأعراب ﴾ هي صيغة جمع وليست بجمع للعرب على ما روي عن سيبويه لئلا يلزم كون الجمع أخص من الواحد، فإن العرب هذا الجيل المعروف مطلقاً والأعراب ساكن البادية منهم، ولذا نسب إلى الأعراب على لفظه فقيل أعرابي، وقيل : العرب سكان المدن والقرى والأعراب سكان البادية من هذا الجيل أو مواليهم فهما متباينان، ويفرق بين الجمع والواحد بالياء فيهما فيقال للواحد عربي وأعرابي وللجماعة عرب وأعراب وكذا أعاريب وذلك كما يقال الواحد : مجوسي ويهودي ثم تحذف الياء في الجمع فيقال المجوس واليهود، أي أصحاب البدو ﴿ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا ﴾ من أهل الحضر الكفار والمنافقين لتوحشهم وقساوة قلوبهم وعدم مخالطتهم أهل الحكمة وحرمانهم استماع الكتاب والسنة وهم أشبه شيء بالبهائم، وفي الحديث عن الحسن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي ﷺ قال :" من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتي السلطان افتتن " وجاء "ثلاثة من الكبائر" وعد منها التعرب بعد الهجرة وهو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجراً، وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد، وكان ذلك لغلبة الشر في أهل البادية والطبع سراق أو للبعد عن مجالس العلم وأهل الخير وإنه ليفضي إلى شر كثير، والحكم على الأعراب بما ذكر من باب وصف الجنس بوصف بعض أفراده كما في قوله تعالى :﴿ وَكَانَ الإنسان كَفُورًا ﴾ [ الإسراء : ٦٧ ] إذ ليس كلهم كما ذكر، ويدل عليه قوله تعالى الآتي :﴿ وَمِنَ الاعراب مَن يُؤْمِنُ ﴾ [ التوبة : ٩٩ ] الخ، وكان ابن سيرين كما أخرج أبو الشيخ عنه يقول : إذا تلا أحدكم هذه الآية فليتل الآية الأخرى يعنى بها ما أشرنا إليه، والآية المذكورة كما روي عن الكلبي نزلت في أسد.
وعطفان، والعبرة بعموم اللفظ لا لخصوص السبب.