قالوا : يا نبي الله، قد ندبتنا للخروج معك، فاحملنا على الخفاف المرفوعة والنعال المخصوفة نَغْزُ معك.
فقال :" لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ " فتولّوْا وهم يبكون.
وقال ابن عباس : سألوه أن يحملهم على الدواب، وكان الرجل يحتاج إلى بعيرين، بعير يركبه وبعير يحمل ماءه وزاده لبعد الطريق.
وقال الحسن :" نزلت في أبي موسى وأصحابه أتوا النبيّ ﷺ ليستحملوه، ووافق ذلك منه غضباً فقال :"والله لا أحملكم ولا أجد ما أحملكم عليه" فتولوا يبكون ؛ فدعاهم رسول الله ﷺ وأعطاهم ذَوْدا.
فقال أبو موسى : ألست حلفت يا رسول الله؟ فقال :"إني إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلاَّ أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني" ".
قلت : وهذا حديث صحيح أخرجه البخارِيّ ومسلم بلفظه ومعناه.
وفي مسلم : فدعا بنا فأمر لنا بخمس ذَوْدٍ غرِّ الذُّرَى...
الحديث.
وفي آخره :" فانطلِقوا فإنما حملكم الله " وقال الحسن أيضاً وبكر بن عبد الله : نزلت في عبد الله بن مُغَفَّل المُزَنِيّ، أتى النبي ﷺ يستحمله.
قال الجُرْجانيّ : التقدير أي ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم وقلت لا أجد.
فهو مبتدأ معطوف على ما قبله بغير واو، والجواب "تَوَلَّوْا".
﴿ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع ﴾ الجملة في موضع نصب على الحال.
﴿ حَزَناً ﴾ مصدر.
﴿ أَلاَّ يَجِدُواْ ﴾ نصب بأن.
وقال النحاس : قال الفراء يجوز أن لا يجدون ؛ يجعل لا بمعنى ليس.
وهو عند البصريين بمعنى أنهم لا يجدون.
الخامسة والجمهور من العلماء على أن من لا يجد ما ينفقه في غزوه أنه لا يجب عليه.
وقال علماؤنا : إذا كانت عادته المسألة لزمه كالحج وخرج على العادة لأن حاله إذا لم تتغير يتوجه الفرض عليه كتوجهه على الواجد.
والله أعلم.