ولذلك حينما يأتي من يقول : لن يستطيع واحد من أمة محمد ﷺ تأخر عن عصر محمد ﷺ أن يصل إلى منزلة الصحابة ؛ لأن الله قال :﴿ والسابقون ﴾، نقول له : لا، بل افطن إلى بقية قوله سبحانه :﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين * وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخرين ﴾، وهذا دليل على أن بعضاً من الذين جاءوا بعد زمان رسول الله صلى الله عليه سينالون المرتبة الرفيعة، وهكذا لم يمنع الحق أن يكون من أمة محمد ﷺ سينالون المرتبة الرفيعة، وهكذا لم يمنع الحق أن يكون من أمة محمد ﷺ إلى أن تقوم الساعة مَنْ يصل إلى منزلة الصحابة.
وقد طمأن النبي ﷺ الناس الذين لم يدركوا عهده حين قال :
" وددت أنِّي لقيت إخواني ". فقال أصحاب النبي ﷺ : أو ليس نحن إخوانك؟. قال :" أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني "
وهذا قول صادق من المصطفى ﷺ ؛ لأن منا من تنحصر أمنيته في أن يحُجَّ ويزور القبر الشريف. ويضيف النبي ﷺ في وصف أحبابه :
" عمل الواحد منهم كخمسين ". قالوا : منهم يا رسول الله أم مِنَّا؟ قال : بل منكم ؛ لأنكم تجدون على الخير أعواناً، وهم لا يجدون على الخير أعواناً "
وهذا ما يحدث في زماننا بالفعل.
ولكن من هم السَّابِقُونَ المقصودون في الآية التي نحن بصددها؟
﴿ والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين ﴾ ونعلم أن السابقين من المهاجرين هم أهل بدر، الذين دخلوا أول معركة في الإسلام، مع أنهم خرجوا من المدينة، لا ليشهدوا حرباً، ولكن ليعترضوا عيراً تحمل بضائع، ويرجعوا بالغنائم. ومع ذلك دخلوا الحرب، لا مع القوافل التي ضمَّتْ العير والحراس والرعاة، ولكن دخلوا الحرب مع النفير، وهم من جاءوا ونفروا من مكة، وهم صناديد قريش. وهكذا كانت منزلة أهل بدر، أنهم من سبقوا إلى الجهاد في أول معركة للإسلام.


الصفحة التالية
Icon