" ولذلك حين وشى حاطب بن أبي بلتعة بغزوة رسول الله ﷺ إلى مكة، فجاء به ﷺ وقال له : ما الذي حملك على هذا؟ وكان ﷺ يريد أن يفتح مكة دون أن يعلم أحد ؛ حتى لا يقاتل المسلمون القادمون بعضاً من المؤمنين الموجودين في مكة ولم يعرفهم أحد ؛ لذلك أراد ﷺ المفاجأة في الفتح ؛ حتى تهبط الشراسة الكفرية، لكن حاطب بن أبي بلتعة كتب خطاباً إلى بعض أهل قريش، فأخبر الله نبيه ﷺ، فقال النبي ﷺ لعليٍّ رضي الله عنه ومن معه : اذهب إلى مكان اسمه " روضة خاخ " في الطريق بين مكة والمدينة، فستجد ظعينة ( مسافرة ) معها كتاب إلى أهل مكة، خبأته في عقيصتها.
فلما ذهب علي - رضي الله عنه - ومن معه يبحثون عن المرأة في الموضع الذي ذكره لهم رسول الله ﷺ، وجدوا المرأة ولكنها أنكرت أن معها كتاباً، فهددوها ؛ فأخرجته من عقيصتها ؛ فوجده من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من مشركي قريش. وعاد به إلى النبي ﷺ، فأحضر النبي ﷺ حاطبا، وقال له : ما حملك على هذا يا حاطب؟ قال له : يا رسول الله : أنا لصيق بقريش ولي فيها أهل ومال، وليس لي بها غزوة ؛ فأردت أن أتخذ يداً عند قريش يعرفونها لي ؛ فيحافظوا على أهلي وعلى مالي، وعرفت أن ذلك لا يضرك شيئاً وأن الله ناصرك. وما فعلته ينفعني ولا يضرك، قال : صدقت. وأراد عمر - رضي الله عنه - أن ينزل عله بسيفه، فقال النبي صلى الله عيله وسلم :" إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطّلَع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "
لأن أهل بدر دخلوا المعركة بدون عُدَّة، وبدون استعداد، ومع ذلك هانت نفوسهم عليهم، فكأن الله قال : أنتم عملتم ما عليكم، وقد غفرت لكم ما تفعلونه من السيئات.


الصفحة التالية
Icon