وقال السمرقندى :
﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ﴾
يعني : الأعراب الذين حوالي المدينة.
﴿ وَمِنْ أَهْلِ المدينة ﴾، وهو عبد الله بن أُبي وأصحابه ﴿ مَرَدُواْ عَلَى النفاق ﴾، يعني : مرنوا وثبتوا على النفاق، فلا يرجعون عنه ولا يتوبون.
﴿ لاَ تَعْلَمُهُمْ ﴾، يقول لا تعرفهم أنت لسبب إيمانهم بالعلانية.
﴿ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ﴾، لأني عالم السر والعلانية ونعلم نفاقهم ونعرفك حالهم.
﴿ سَنُعَذّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ﴾ قال مقاتل : أحد العذابين عند الموت ضرب الملائكة الوجوه والأدبار، والعذاب الثاني عذاب القبر، وهو ضرب منكر ونكير.
وقال الكلبي : أوَل العذابين أنه أخرجهم من المسجد، والعذاب الثاني عذاب القبر.
وروى أسباط بن النضر الهمداني، عن إسماعيل بن عبد الملك السدي قال : عن أبي مالك، عن ابن عباس أنه قال : قام رسول الله ﷺ خطيباً يوم الجمعة، فقال :" يَا فُلانُ اخْرُجْ فَإنَّكَ مُنَافِقٌ ".
ثم قال :" يَا فُلانُ اخْرُجْ إنَّكَ مُنَافِقٌ ".
ثم قال :" يَا فُلانُ اخْرُجْ فَإنَّكَ مُنَافِقٌ ".
فأخرجهم بأسمائهم، وكان عمر لم يشهد الجمعة لحاجة كانت له، فلقيهم وهم يخرجون من المسجد، فاختبأ منهم استحياء أنه لم يشهد الجمعة، وظن أن الناس قد انصرفوا واختبؤوا من عمر، وظنوا أنه قد علم بأمرهم، فدخل عمر المسجد فإذا الناس لم يصلوا، فقال له رجل من المسلمين : أبشر يا عمر، قد فضح الله المنافقين، وهذا هو العذاب الأول، والعذاب الثاني عذاب القبر.
وروى ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله :﴿ سَنُعَذّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ﴾، قال : الجوع والقتل، ويقال القتل والسبي، وقال الحسن : عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
﴿ ثُمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴾، يعني : عذاب جهنم أعظم مما كان في الدنيا. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon