وقال ابن عطية :
﴿ وممن حولكم من الأعراب ﴾ الآية
مخاطبة للنبي ﷺ شرك في بعضها أمته، والإشارة بقوله ﴿ وممن حولكم من الأعراب ﴾ هي إلى جهينة ومزينة وأسلم وغفار وعصية ولحيان وغيرهم من القبائل المجاورة للمدينة، فأخبر الله عن منافقيهم، وتقدير الآية : ومن أهل المدينة قوم أو منافقون هذا أحسن ما حمل اللفظ، و﴿ مردوا ﴾ قال أبو عبيدة : معناه مرنوا عليه ولجوا فيه، وقيل غير هذا مما هو قريب منه، وقال ابن زيد : أقاموا عليه لم يتوبوا كما تاب الآخرون.
والظاهر من معنى اللفظ أن التمرد في الشيء أو التمرد في الشيء أو المرود عليه إنما هو اللجاج والاستهتار به والعتو على الزاجر وركوب الرأٍ في ذلك، وهو مستعمل في الشر لا في الخير، ومن ذلك قولهم شيطان مارد ومريد، ومن هذا سميت مراد لأنها تمردت، قال بعض الناس : يقال تمرد الرجل في أمر كذا إذا تجرد له، وهو من قولهم شجرة مرداء إذا لم يكن عليها ورق، ومنه ﴿ صرح ممرد ﴾ [ النمل : ٤٤ ] ومنه قولهم : تمرد مارد وعز الأبلق ومنه الأمرد الذي لا لحية له، فمعنى ﴿ مردوا ﴾ في هذه الآية لجوا فيه واستهتروا به وعتوا على زاجرهم، ثم نفى عز وجل علم نبيه بهم على التعيين، وأسند الطبري عن قتادة في قوله ﴿ لا تعلمهم نحن نعلمهم ﴾ قال : فما بال أقوام يتكلفون علم الناس فلان في الجنة فلان في النار فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال لا أدري، أنت لعمري بنفسك أعلم منك بأعمال الناس، ولقد تكلفت شيئاً ما تكلفه الرسل، قال نبي الله نوح ﷺ ﴿ وما علمي بما كانوا يعلمون ﴾ [ الشعراء : ١١٢ ] وقال نبي الله شعيب ﷺ ﴿ بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ ﴾ [ هود : ٨٦ ] وقال الله تعالى لنبيه ﷺ :﴿ لا تعلمهم نحن نعلمهم ﴾.


الصفحة التالية
Icon