قال القاضي أبو محمد : وقوله تعالى :﴿ سنعذبهم مرتين ثم يردهم إلى عذاب عظيم ﴾ في مصحف أنس بن مالك " سيعذبهم " بالياء والكلام على القراءتين وعيد، واللفظ يقتضي ثلاثة مواطن من العذاب، ولا خلاف بين المتأولين أن " العذاب العظيم " الذي يردون إليه هو عذاب الآخرة، وأكثر الناس أن العذاب المتوسط هو عذاب القبر، واختلف في عذاب المرة الأولى فقال مجاهد وغيره : هو عذابهم بالقتل والجوع، وهذا بعيد لأن منهم من لم يصبه هذا، وقال ابن عباس أيضاً : عذابهم هو بإقامة حدود الشرع عليهم مع كراهيتهم فيه، وقال ابن إسحاق : عذابهم هو همهم بظهور الإسلام وعلو كلمته، وقال ابن عباس وهو الأشهر عنه : عذابهم هو فضيحتهم ووصمهم بالنفاق، وروي في هذا التأويل أن رسول الله ﷺ خطب يوم جمعة فندد بالمنافقين وصرح وقال اخرج يا فلان من المسجد فإنك منافق واخرج أنت يا فلان واخرج أنت يا فلان حتى أخرج جماعة منهم، فرآهم عمر يخرجون من المسجد وهو مقبل إلى الجمعة فظن أن الناس انتشروا وأن الجمعة فاتته فاختبأ منهم حياء، ثم وصل إلى المسجد فرأى أن الصلاة لم تقض وفهم الأمر.