وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وممن حولكم من الأعراب منافقون ﴾
قال ابن عباس : مُزَينة، وجُهيَنة، وأسلَم، وغِفار، وأشجع، كان فيهم بعد إسلامهم منافقون.
قال مقاتل : وكانت منازلهم حول المدينة.
قوله تعالى :﴿ ومن أهل المدينة مَرَدُوا على النفاق ﴾ قال ابن عباس : مرنوا عليه وثبتوا، منهم عبد الله بن أُبَيّ، وجَدّ بن قيس، والجلاس، ومعتِّب، ووَحْوَح، وأبو عامر الراهب.
وقال أبو عبيدة : عَتَوْا ومَرَنُوا عليه، وهو من قولهم : تمرَّد فلان، ومنه : شيطان مريد.
فإن قيل : كيف قال ﴿ ومن أهل المدينة مردوا ﴾، وليس يجوز في الكلام : مِن القوم قعدوا؟ فعنه ثلاثة أجوبة.
أحدهن : أن تكون ﴿ من ﴾ الثانية مردودة على الأولى ؛ والتقدير : وممن حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة منافقون، ثم استأنف ﴿ مردوا ﴾.
والثاني : أن يكون في الكلام "مَنْ" مضمر تقديره : ومن أهل المدينة مَنْ مردوا ؛ فأُضمرت "مَنْ" لدلالة ﴿ مِنْ ﴾ عليها كقوله :﴿ وما منَّا إلا له مقام معلوم ﴾ [ الصافات : ١٦٤ ] يريد : إلا مَنْ له مقام معلوم ؛ وعلى هذا ينقطع الكلام عند قوله :﴿ منافقون ﴾.
والثالث : أن ﴿ مَرَدُوا ﴾ متعلق بمنافقين تقديره : ومِنْ أهل المدينة منافقون مَرَدُوا، ذكر هذه الأجوبة ابن الأنباري.
قوله تعالى :﴿ لا تعلمهم ﴾ فيه وجهان.
أحدهما : لا تعلمهم أنت حتى نُعْلِمَكَ بهم.
والثاني : لا تعلم عواقبهم.
قوله تعالى :﴿ سنعذِّبهم مرتين ﴾ فيه عشرة أقوال.
أحدها : أن العذاب الأول في الدنيا، وهو فضيحتهم بالنفاق، والعذاب الثاني : عذاب القبر، قاله ابن عباس.
قال :" وقام رسول الله ﷺ يوم جمعة خطيباً، فقال : يا فلان اخرج فانك منافق، ويا فلان اخرج " ففضحهم.
والثاني : أن العذاب الأول : إقامة الحدود عليهم.
والثاني : عذاب القبر، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.


الصفحة التالية
Icon