ويجوز أن يكون المراد بالمرتين مجرد التكثير، كما في قوله تعالى :﴿ فَارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ ﴾ أي : كرة بعد أخرى، لقوله تعالى :﴿ أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ ﴾.
تنبيه :
لا ينافي قوله تعالى :﴿ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ﴾ قوله تعالى :﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾، لأن هذا من باب التوسم فيهم بصفات يعرفون بها، لا أنه يعرف جميع من عنده من أهل النفاق والريب على التعيين، وقد كان يعلم أن في بعض من يخالطه من أهل المدينة نفاقاً، وإن كان يراه صباحاً ومساءً، وشاهد هذا بالصحة، ما رواه الإمام أحمد عن جبير
ابن مطعم رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ! إنهم يزعمون أنه ليس لنا أجر بمكة، فقال :< لتأتينكم أجوركم، ولو كنتم في حجر ثعلب >.
وأصغى إليّ رسول الله ﷺ برأسه فقال :< إن في أصحابي منافقين، أي : يرجفون ويتكلمون بما لا صحة له >.
وروى ابن عساكر عن أبي الدرداء، أن رجلاً يقال له حرملة أتى النبيّ ﷺ، فقال : الإيمان هاهنا، وأشار بيده إلى لسانه والنفاق هاهنا، وأشار بيده إلى قلبه، ولم يذكر الله إلا قليلاً. فقال رسول الله ﷺ :< اللهم اجعل له لسانا ذاكراً، وقلباً شاكراً، ارزقه حبي وحب من يحبني، وصيّر أمره إلى خير >. فقال : يا رسول الله ! إنه كان لي أصحاب من المنافقين، وكنت رأساً فيهم، أفلا آتيك بهم ؟ قال :< من أتانا استغفرنا له، ومن أصرّ على دينه، فالله أولى به، ولا تخرقنّ على أحد ستراً > - ورواه الحاكم أيضاً -.