فيقال رضي الله عنهم إلا في وقت طلب الإمامة، ومقتضى الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل تحت اللفظ.
أو نقول : إنا بينا أنه تعالى وصفهم بكونهم سابقين مهاجرين، وذلك يقتضي أن المراد كونهم سابقين في الهجرة، ثم لما وصفهم بهذا الوصف أثبت لهم ما يوجب التعظيم، وهو قوله :﴿رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ والسبق في الهجرة وصف مناسب للتعظيم، وذكر الحكم عقيب الوصف المناسب، يدل على كون ذلك الحكم معللاً بذلك الوصف، فدل هذا على أن التعظيم الحاصل من قوله :﴿رَّضِىَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ معلل بكونهم سابقين في الهجرة، والعلة ما دامت موجودة، وجب ترتب المعلول عليها، وكونهم سابقين في الهجرة وصف دائم في جميع مدة وجودهم، فوجب أن يكون ذلك الرضوان حاصلاً في جميع مدة وجودهم، أو نقول : إنه تعالى قال :﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ جنات تَجْرِي تَحْتَهَا الأنهار﴾ وذلك يقتضي أنه تعالى قد أعد تلك الجنات وعينها لهم، وذلك يقتضي بقاءهم على تلك الصفة التي لأجلها صاروا مستحقين لتلك الجنات، وليس لأحد أن يقول : المراد أنه تعالى أعدها لهم لو بقوا على صفة الإيمان، لأنا نقول : هذا زيادة إضمار وهو خلاف الظاهر.
وأيضاً فعلى هذا التقدير : لا يبقى بين هؤلاء المذكورين في هذا المدح، وبين سائر الفرق فرق، لأنه تعالى :﴿أَعَدَّ لَهُمْ جنات تَجْرِي تَحْتَهَا الأنهار﴾ ولفرعون وهامان وأبي جهل وأبي لهب، لو صاروا مؤمنين، ومعلوم أنه تعالى إنما ذكر هذا الكلام في معرض المدح العظيم والثناء الكامل، وحمله على ما ذكروه يوجب بطلان هذا المدح والثناء، فسقط هذا السؤال.
فظهر أن هذه الآية دالة على فضل أبي بكر، وعلى صحة القول بإمامته قطعاً.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon