وقال القرطبى :
﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) ﴾
فيه مسألتان :
الأولى قيل : قال الذين لم يتوبوا من المتخلفين : هؤلاء كانوا معنا بالأمس، لا يُكلّمون ولا يجالسون، فما لهم الآن؟ وما هذه الخاصّة التي خُصُّوا بها دوننا ؛ فنزلت :"أَلَمْ يَعْلَمُوا" فالضمير في "يعلموا" عائد إلى الذين لم يتوبوا من المتخلفين.
قال معناه ابن زيد.
ويحتمل أن يعود إلى الذين تابوا وربطوا أنفسهم.
وقوله تعالى :﴿ هُوَ ﴾ تأكيد لانفراد الله سبحانه وتعالى بهذه الأمور.
وتحقيق ذلك أنه لو قال : أن الله يقبل التوبة لاحتمل أن يكون قبولُ رسوله قبولاً منه ؛ فبينت الآية أن ذلك مما لا يصل إليه نبيّ ولا ملك.
الثانية قوله تعالى :﴿ وَيَأْخُذُ الصدقات ﴾ هذا نصّ صريح في أن الله تعالى هو الآخذ لها والمثِيب عليها وأن الحق له جل وعز، والنبيّ ﷺ واسطة، فإن تُوُفّي فعامله هو الواسطة بعده، والله عز وجل حيّ لا يموت.
وهذا يبيّن أن قوله سبحانه وتعالى :"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقةً" ليس مقصوراً على النبيّ صلى الله عليه وسلم.
روى الترمذِيّ عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ :" إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فَيُربِيها لأحدكم كما يربِي أحدكم مُهْره حتى أن اللقمة لتصير مثلَ أُحُد وتصديق ذلك في كتاب الله وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ويمحق الله الربا ويربي الصدقات " قال : هذا حديث حسن صحيح.
وفي صحيح مسلم :" لا يتصدّق أحد بتمرة من كسبٍ طيّب إلا أخذها الله بيمينه في رواية فتربُو في كفّ الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل " الحديث.
وروي.