وقال أبو السعود :
قوله تعالى :﴿ وَقُلِ اعملوا ﴾
زيادةُ ترغيبٍ لهم في العمل الصالحِ الذي من جملته التوبةُ وللأولين في الثبات على ما هم عليه أي قل لهم بعد ما بان لهم شأنُ التوبةِ : اعملوا ما تشاؤون من الأعمال فظاهرُه ترخيصٌ وتخييرٌ وباطنُه ترغيبٌ وترهيبٌ وقوله عز وجل :﴿ فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ ﴾ أي خيراً كان أو شراً وتعليلٌ لما قبله وتأكيدٌ للترغيب والترهيب، والسينُ للتأكيد ﴿ وَرَسُولُهُ ﴾ عطفٌ على الاسم الجليل وتأخيرُه عن المفعول للإشعار بما بين الرؤيتين من التفاوت.
﴿ والمؤمنون ﴾ في الخبر ( لو أن رجلاً عمل في صخرة لا باب لها ولا كوة لخرج عمله إلى الناس كائناً ما كان ). والمعنى أن أعمالَكم غيرُ خافيةٍ عليهم كما رأيتم وتبين لكم، ثم إن كان المرادُ بالرؤية معناها الحقيقيَّ فالأمرُ ظاهرٌ وإن أريد بها مآلُها من الجزاء خيراً أو شراً فهو خاصٌّ بالدنيوي من إظهار المدحِ والثناءِ والذكرِ الجميلِ والإعزازِ ونحو ذلك من الأجزية وأضدادها ﴿ وَسَتُرَدُّونَ ﴾ أي بعد الموتِ ﴿ إلى عالم الغيب والشهادة ﴾ في وضع الظاهِرِ موضِعَ المضمَرِ من تهويل الأمرِ وتربية المهابةِ ما لا يخفى.


الصفحة التالية
Icon