وقال ابن عطية :
قوله ﴿ وآخرون ﴾
عطف على قوله أولاً ﴿ وآخرون ﴾ [ التوبة : ٨٤ ]، وقرأ نافع والأعرج وابن نصاح وأبو جعفر وطلحة والحسن وأهل الحجاز " مرجون " من أرجى دون همز، وقرأ أبو عمرو وعاصم وأهل البصرة " مرجؤون " من أرجأ يرجىء بالهمز، واختلف عن عاصم، وهما لغتان، ومعناهما التأخير ومنه المرجئة لأنهم أخروا الأعمال أي أخروا حكمها ومرتبتها، وأنكر المبرد ترك الهمز في معنى التأخير وليس كما قال، والمراد بهذه الآية فيما قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة وابن إسحاق الثلاثة الذين خلفوا وهم هلال بن أمية الواقفي ومرارة بن الربيع العامري وكعب بن مالك، ونزلت هذه الآية قبل التوبة عليهم، وقيل إنها نزلت في غيرهم من المنافقين الذين كانوا معرضين للتوبة مع بنائهم مسجد الضرار، وعلى هذا يكون الذين اتخذوا بإسقاط واو العطف بدلاً من ﴿ آخرون ﴾، أو خبر ابتداء تقديره هم الذين، فالآية على هذا فيها ترج لهم واستدعاء إلى الإيمان والتوبة، و﴿ عليم ﴾ معناه بمن يهدي إلى الرشد، و﴿ حكيم ﴾ فيما ينفذه من تنعيم من شاء وتعذيب من شاء لا رب غيره ولا معبود سواه، وقرأ عاصم وعوام القراء والناس في كل قطر إلا بالمدينة " والذين اتخذوا "، وقرأ أهل المدينة نافع وأبو جعفر وشيبة وغيرهم " الذين اتخذوا " بإسقاط الواو، وكذلك في مصحفهم، قاله أبو حاتم، وقال الزهراوي : وهي قراءة ابن عامر وهي في مصاحف أهل الشام بغير واو، فأما من قرأ بالواو فذلك عطف على قوله ﴿ وآخرون ﴾ أي ومنهم الذين اتخذوا، وأما من قرأ بإسقاطها فرفع ﴿ الذين ﴾ بالابتداء.


الصفحة التالية
Icon