وحاصله أن الوصف للتأكيد وفائدته دفع المجاز، وهذا نظير ما قالوا في قوله سبحانه :﴿ وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً ﴾ [ النساء : ١٦٤ ] وفيه بحث.
والاستثناء في قوله تعالى :﴿ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ﴾ من أعم الأوقات أو أعم الأحوال وما بعد إلا في محل النصب على الظرفية أي لا يزال بنيانهم ريبة في كل وقت إلا وقت تقطع قلوبهم أو في كل حال إلا حال تقطعها أي تفرقها وخروجها عن قابلية الإدراك وهذا كناية عن تمكن الريبة في قلوبهم التي هي محل الإدراك وإضمار الشرك بحيث لا يزوب منها ما داموا أحياء إلا إذا تقطعت وفرقت وحينئذ تخرج منها الريبة وتزول، وهو خارج مخرج التصوير والفرض، وقيل : المراد بالتقطع ما هو كائن بالموت من تفرق أجزاء البدن حقيقة وروي ذلك عن بعض السلف.
وأخرج ابن المنذر.
وغيره عن أيوب قال : كان عكرمة يقرأ ﴿ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ فِى القبور ﴾ وقيل : المراد إلا أن يتوبوا ويندموا ندامة عظيمة تفتت قلوبهم وأكبادهم فالتقطع كناية أو مجاز عن شدة الأسف.
وروى ذلك ابن أبي حاتم عن سفيان، وتقطع من التفعل بإحدى التاءين والبناء للفاعل أي تتقطع.
وقرىء ﴿ تُقَطَّعَ ﴾ على بناء الجهول من التفعيل وعلى البناء للفاعل منه على أن الخطاب للرسول ﷺ أي إلا أن تقطع أنت قلوبهم بالقتل، وقرىء على البناء للمفعول من الثلاثي مذكراً ومؤنثاً.
وقرأ الحسن ﴿ إلى أَن تُقَطَّعَ ﴾ على الخطاب، وفي قراءة عبد الله ﴿ وَلَوْ قُطّعَتْ قُلُوبِهِمْ ﴾ على إسناد الفعل مجهولاً إلى قلوبهم.
وعن طلحة ولو قطعت قلوبهم على خطاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويصح أن يعني بالخطاب كل مخاطب، وكذا يصح أن يجعل ضمير تقطع مع نصب قلوبهم للريبة ﴿ والله عَلِيمٌ ﴾ بجميع الأشياء التي من جملتها ما ذكر من أحوالهم ﴿ حَكِيمٌ ﴾ في جميع أفعاله التي من جملتها أمره سبحانه الوارد في حقهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon