فلما نزل بذي أَوَانٍ - موضع على ساعة من المدينة - أتاه خبر المسجد، فدعا رسول الله ﷺ مالك بن الدخشم ومعن بن عدي أو أخاه عامراً، فقال : انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فاهدماه وحرقاه.
فخرجا سريعين، حتى أتيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي، فدخل أهله، فأخذ سعفاً من النخل، فاشعل فيه ناراً، ثم خرجا يشتدّان [ في المطبوع : يستدان ]، حتى دخلا المسجد، وفيه أهله، فحرقاه وهدماه، وتفرقوا عنه، ونزل فيهم ما نزل - ذكره ابن كثير، وأسند أطرافه إلى ابن إسحاق وابن مردويه -.
وروي أن بني عَمْرو بن عوف الذين بنوا مسجد قباء، أتوا عُمَر بن الخطاب في خلافته، فسألوه أن يأذن لمُجَمِّع بن جارية أن يؤمهم في مسجدهم فقال : لا، ونعمة عين ! أليس هو إمام مسجد الضرار ؟ قال مجمع : يا أمير المؤمنين ! لا تعجل عليّ، فوالله ! لقد صليت فيه وأنا لا أعلم ما أضمروا عليه، ولو علمت ما صليت معهم فيه، أنهم يتقربون إلى الله، ولم أعلم ما في نفوسهم. فعذره عمر، فصدقه وأمره بالصلاة في مسجد قباء.
الثالث : ما قدمناه من أن المسجد في الآية هو مسجد قباء، لأن السياق في معرضه، وبيان أحقية الصلاة فيه من ذاك، لأنه أسس على طاعة الله وطاعة رسوله، وجمع كلمة المؤمنين.
ولما في الآية من الإشعار بالحث على تعاهده بالصلاة فيه، كان رسول الله ﷺ يزوره راكباً وماشياً، ويصلي فيه ركعتين - كما في الصحيح -.


الصفحة التالية
Icon