وقرأ الجمهور ﴿ على تقوى ﴾ وقرأ عيسى بن عمر " على تقوًى " بتنوين الواو حكى هذه القراءة سيبويه وردها الناس، قال أبو الفتح : قياسها أن تكون الألف للإلحاق كأرطى ونحوه، وأما المراد بالبنيان الذي أسس على التقوى والرضوان فهو في ظاهر اللفظ وقول الجمهور المسجد المذكور قبل ويطرد فيه الخلاف المتقدم، وروي عن عبد الله بن عمر أنه قال : المراد بالمسجد المؤسس على التقوى هو مسجد رسول الله ﷺ، والمراد بأنه أسس على تقوى من الله، ﴿ ورضوان خير ﴾ هو مسجد قباء، وأما البنيان الذي أسس ﴿ على شفا جرف هار ﴾ فهو مسجد الضرار بإجماع.
و" الشفا " الحاشية والشفير و" الجرف " حول البئر ونحوه مما جرفته السيول والندوة والبلى. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي وجماعة " جُرُف " بضم الراء، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة وجماعة " جرْف " بسكون الراء، واختلف عن عاصم. وهما لغتان، وقيل الأصل ضم الراء وتخفيفها بعد ذلك مستعمل و﴿ هار ﴾ : معناه متهدم منهال وهو من هار يهور ويقال هار يهير ويهير، وأصله هاير أو هاور، فقيل قلبت راؤه قبل حرف العلة فجاء هارو أو هاري فصنع به ما صنع بقاض وغاز، وعلى هذا يقال في حال النصب هارياً، ومثله في يوم راح أصله رايح ومثله شاكي السلاح أصله شايك ومثله قول العجاج :[ الوافر ]
لاث به الأشاء والعبري... أصله لايث.
ومثله قول الشاعر [ الأجدع الهمداني ] :[ الكامل ]
خَفَضُوا أسنتَهمْ فكلٌّ ناع... على أحد الوجهين :
فإنه يحتمل أنه من نعى ينعي والمراد أنهم يقولون يا ثارات فلان، ويحتمل أن يريد فكلهم نايع أي عاطش كما قال عامر بن شييم، والأسل النياعا وقيل في ﴿ هار ﴾ إن حرف علته حذف حذفاً فعلى هذا يجري بوجوه الإعراب، فتقول : جرف هار ورأيت جرفاً هاراً، ومررت بحرف هار.


الصفحة التالية