وقال القرطبى :
﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ ﴾
فيه خمس مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ ﴾ أي أصّل، وهو استفهام معناه التقرير.
و"مَن" بمعنى الذي، وهي في موضع رفع بالابتداء، وخبره "خَيْرٌ".
وقرأ نافع وابن عامر وجماعة "أُسِّسَ بُنْيَانُهُ" على بناء أسس للمفعول ورفع بنيان فيهما.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائيّ وجماعة "أسّس بنيانه" على بناء الفعل للفاعل ونصب بنيانه فيهما، وهي اختيار أبي عبيد لكثرة من قرأ به، وأن الفاعل سمي فيه.
وقرأ نصر بن عاصم بن عليّ "أفمن أَسَسُ" بالرفع "بُنيانه" بالخفض.
وعنه أيضاً "أساس بنيانه" وعنه أيضاً "أَسُّ بنيانه" بالخفض.
والمراد أصول البناء كما تقدّم.
وحكى أبو حاتم قراءة سادسة وهي "أَفَمَنْ آسَاسُ بُنْيَانِهِ" قال النحاس : وهذا جمع أُسّ ؛ كما يقال : خُفٌّ وأخْفَاف، والكثير "إساسٌ" مثل خفاف.
قال الشاعر :
أصبح المُلْك ثابتَ الآسَاسَ...
في البهَالِيل من بني العباس
الثانية قوله تعالى :﴿ على تقوى مِنَ اللَّهِ ﴾ قراءة عيسى بن عمر فيما حكى سيبويه بالتنوين، والألف ألف إلحاق كألف تترى فيما نُوّن، وقال الشاعر :
يَسْتَنّ في عَلْقىً وفي مُكُورِ...
وأنكر سيبويه التنوين، وقال : لا أدري ما وجهه.
﴿ على شَفَا ﴾ الشفا : الحرف والحدّ، وقد مضى في "آل عمران" مستوفى.
و﴿ جُرُفٍ ﴾ قُرىء برفع الراء، وأبو بكر وحمزة بإسكانها ؛ مثل الشُّغُل والشُّغْل، والرُّسُل والرُّسْل، يعني جُرُفاً ليس له أصل.
والجُرُف : ما يُتجرّف بالسيول من الأدوية، وهو جوانبه التي تنحفر بالماء، وأصله من الجَرْف والاجتراف ؛ وهو اقتلاع الشيء من أصله.
﴿ هَارٍ ﴾ ساقط ؛ يقال : تهوّر البناء إذا سقط، وأصله هائر، فهو من المقلوب يقلب وتؤخر ياؤها، فيقال : هارٍ وهائر، قاله الزجاج.