كما أن الله تعالى سمى الكفرة موتى حيث قال تعالى :﴿أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فأحييناه وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى الناس كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظلمات لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ للكافرين مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [ الأنعام : ١٢٢ ] يعني كافراً فهديناه ؛ وإنما سماهم موتى والله أعلم لأنه لا منفعة لهم في حياتهم، فكأن تلك الحياة لم تكن لهم، فكذلك السمع والبصر واللسان، إذا لم ينتفعوا بها فكأنها لم تكن لهم، فكأنهم صم بكم عمي فهم لا يرجعون، يعني لا يرجعون إلى الهدى. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ٥٧ ـ ٥٨﴾
وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿صَمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ وهذا جمع : أصم، وأبكم، وأعمى، وأصل الصَّمَمُ الإنسداد، يقال قناة صماء، إذا لم تكن مجوفة، وصممت القارورة، إذا سددتها، فالأصم : من انسدَّتْ خروق مسامعه.
أما البَكَمُ، ففيه أربعة أقاويل :
أحدها : أنه آفة في اللسان، لا يتمكن معها من أن يعتمد على مواضع الحروف.
والثاني : أنه الذي يولد أخرس.
والثالث : أنه المسلوب الفؤاد، الذي لا يعي شيئاً ولا يفهمه.
والرابع : أنه الذي يجمع بين الخَرَس وذهاب الفؤاد.
ومعنى الكلام، أنهم صمٌّ عن استماع الحق، بكم عن التكلم به، عُمْيٌ عن الإبصار له، رَوَى ذلك قتادة، ﴿فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ يعني إلى الإسلام. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٨١﴾
وقال ابن عطية :
والأصم الذي لا يسمع، والأبكم الذي لا ينطق ولا يفهم، فإذا فهم فهو الأخرس، وقيل الأبكم والأخرس واحد، ووصفهم بهذه الصفات إذ أعمالهم من الخطأ وقلة الإجابة كأعمال من هذه صفته، وصم رفع على خبر ابتداء فإما أن يكون ذلك على تقدير تكرار أولئك، وإما على إضمار هم.