وقال الآلوسى :
﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ( ١٨ )﴾
الأوصاف جموع كثرة على وزن فعل وهو قياس في جمع فعلاء وأفعل الوصفين سواء تقابلا كأحمر وحمراء أم انفردا لمانع في الخلقة كغرل ورتق فإن كان الوصف مشتركاً ولكن لم يستعملا على نظام أحمر وحمراء كرجل أليّ، وامرأة عجزاء فالوزن فيه سماعي، والصمم داء في الأذن يمنع السمع، وقال الأطباء : هو أن يخلق الصماخ بدون تجويف يشتمل على الهواء الراكد الذي يسمع الصوت بتموجه فيه أو بتجويف لكن العصب لا يؤدي قوة الحس فإن أدى بكلفة سمي عندهم طرشاً، وأصله من الصلابة أو السد، ومنه قولهم قناة صماء وصممت القارورة.
والبكم الخرس وزناً ومعنى وهو داء في اللسان يمنع من الكلام وقيل : الأبكم هو الذي يولد أخرس، وقيل : الذي لا يفهم شيئاً ولا يهتدي إلى الصواب فيكون إذ ذاك داء في الفؤاد لا في اللسان، والعمى عدم البصر عما من شأنه أن يكون بصيراً، وقيل : ظلمة في العين تمنع من إدراك المبصرات، ويطلق على عدم البصيرة مجازاً عند بعض وحقيقة عند آخرين، وهي أخبار لمبتدأ محذوف هو ضمير المنافقين أو خبر واحد وتؤول إلى عدم قبولهم الحق وهم وإن كانوا سمعاء الآذان فصحاء الألسن بصراء الأعين إلا أنهم لما لم يصيخوا للحق وأبت أن تنطق بسائره ألسنتهم ولم يتلمحوا أدلة الهدى المنصوبة في الآفاق والأنفس وصفوا بما وصفوا به من الصمم والبكم والعمى على حد قوله :
أعمى إذا ما جارتي برزت...
حتى يواري جارتي الخدر وأصم عما كان بينهما
أذني وما في سمعها وقر...