﴿ولكم في القصاص حياة﴾ [ البقرة : ١٧٩ ] إذ جعل القتل حياة.
وأما الثاني بأن يكون فيه ألفاظ غريبة لا تستعملها العامة نحو قول الحباب بن المنذر :" أنا جذيلها المحكك وعُذيقها المرجَّب " أو فيه حذف وإضمار نحو رمية من غير رام.
أو فيه مشاكلة نحو :" كما تدين تدان ".
أراد كما تفعل تجازى.
وفسر بعضهم الغرابة بالبلاغة والفصاحة حتى صارت عجيبة وعندي أنه ما أراد بالغرابة إلا أن يكون قولاً بديعاً خاصياً إذ الغريب مقابل المألوف والغرابة عدم الإلف يريد عدم الإلف به في رفعة الشأن.
وأما صاحب " المفتاح " فجعل منعها من التغيير لورودها على سبيل الاستعارة فقال : ثم إن التشبيه التمثيلي متى شاع واشتهر استعماله على سبيل الاستعارة صار يطلق عليه المثل لا غير ا ه.
وإلى طريقته مال التفتازاني والسيد.
وقد علمت سرها وشرحها فيما بيناه.
ولورود الأمثال على سبيل الاستعارة لا تغير عن لفظها الذي ورد في الأصل تذكيراً وتأنيثاً وغيرهما.
فمعنى قولهم في تعريف المثل بهذا الإطلاق :" قول شبه مضربه بمورده " أن مضربه هو الحالة المشبهة سميت مضرباً لأنها بمنزلة مكان ضرب ذلك القول أي وضعه أي النطق به يقال ضرب المثل أي شبه ومثل قال تعالى :﴿أن يضرب مثلاً ما﴾ [ البقرة : ٢٦ ] وأما مورده فهو الحالة المشبه بها وهي التي ورد ذلك القول أي صدر عند حدوثها، سميت مورداً لأنها بمنزلة مكان الماء الذي يرده المستقون، ويقال الأمثال السائرة أي الفاشية التي يتناقلها الناس ويتداولونها في مختلف القبائل والبلدان فكأنها تسير من بلد إلى بلد.