والوجه الثاني : أنه اعتقد كون الموصول بقيته " الذي "، وليس كذلك، بل " أل " الموصولة اسم موصول مستقلّ، أي : غير مأخوذ من شيء، على أنَّ الراجح من جهة الدَّليل كون " أل " الموصولة حرفاً لا اسماً كما سيأتي.
وليس لمرجّح أن يرجّح قول الزمخشري بأنهم قالوا : إنَّ الميم في قولهم :" مُ الله " بقية " أيمن "، فإذا انتهكوا " أيمن " بالحذف حتى صار على حرف واحد، فأولى أن يقال بذلك فيما بقي على حرفين، لأن " أل " زائدة على ماهية " الذي "، فيكونون قد حذفوا جميع الاسم، وتركوا ذلك الزائد عليه، بخلاف " ميم " " أيمن "، وأيضاً فإن القول بأن " الميم " بقية " أيمن " قول ضعيف مردود يأباه قول الجُمًهُور.
وفي " الَّذي " لُغَاتٌ، أشهرها ثبوت الياء ساكنةً ود تُشَدِّد مكسورة مطلقاً، أو جاريةً بوجوه الإعراب، كقوله :[ الوافر ]
وَلَيْسَ المَالُ فَاعْلَمْهُ بِمَالٍ...
وَإِنْ أَرْضَاكَ إلا لِلِّذِيِّ
يَنَالُ بِهِ العَلاَءَ وَيَصْطَفِيِهِ...
لأَقْرَبِ أَقْرَبَيْهِ وَلِلْقَصِيِّ
فهذا يحتمل أن يكون مبنيَّا، وأن يكون معرباً.
وقد تُحْذَفُ ساكناً ما قبلها ؛ كقول الآخر :[ الطويل ]
فَلَمْ أَرَ بَيْتاً كَانً أَحْسَنَ بَهْجَةً...
مِنَ اللِّذْ بِهِ مِنْ آلِ عَزَّةَ عَامِرُ
أو مكسوراً ؛ كقوله :[ الرجز ]
واللِّذِ لَوْ شاءَ لَكَانَتْ بَرَّا...
أَوْ جَبَلاً أَشَمَّ مُشَمَخِرَّا
ومثل هذه اللغات في " التي " أيضاً.
قال بعضهم :" وقولهم : هذه لغات ليس بجيِّد ؛ لأن هذه لم ترد إلاّ ضرورةً، فلا ينبغي أن تسمى لغاتٍ ".
و" استوقد " :" استفعل " بمعنى " أَفْعَل "، نحو :" استجاب " بمعنى " أَجَابَ "، وهو رأي الأخفش وعليه قول الشاعر :[ الطويل ]
وَدَاعٍ دَعَا : يَا مَنْ يَجِيبُ إلى الهُدَى...
فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ
لأي : فلم يجبه.


الصفحة التالية
Icon