فصل


قال الفخر :
﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى ﴾
اعلم أنه تعالى لما بين من أول هذه السورة إلى هذا الموضع وجوب إظهار البراءة عن الكفار والمنافقين من جميع الوجوه بين في هذه الآية أنه تجب البراءة عن أمواتهم، وإن كانوا في غاية القرب من الإنسان كالأب والأم، كما أوجبت البراءة عن أحيائهم، والمقصود منه بيان وجوب مقاطعتهم على أقصى الغايات والمنع من مواصلتهم بسبب من الأسباب وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
ذكروا في سبب نزول هذه الآية وجوهاً.
الأول : قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما فتح الله تعالى مكة سأل النبي عليه الصلاة والسلام " أي أبويه أحدث به عهداً " قيل أمك، فذهب إلى قبرها ووقف دونه، ثم قعد عند رأسها وبكى فسأله عمر وقال : نهيتنا عن زيارة القبور والبكاء، ثم زرت وبكيت، فقال :" قد أذن لي فيه، فلما علمت ما هي فيه من عذاب الله وإني لا أغني عنها من الله شيئاً بكيت رحمة لها.
" الثاني : روي عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة قال له الرسول عليه الصلاة والسلام :" يا عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله " فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية أترغب عن ملة عبد المطلب.


الصفحة التالية
Icon