قال القاضي أبو محمد : فالآية على هذا أعم من القتل في سبيل الله، ومبايعة الخلفاء هي منتزعة من هذه الآية، كان الناس يعطون الخلفاء طاعتهم ونصائحهم وجدهم ويعطيهم الخلفاء عدلهم ونظرهم والقيام بأمورهم، وحدثني أبي رضي الله عنه أنه سمع الواعظ أبا الفضل بن الجوهري يقول على المنبر بمصر : ناهيك من صفقة البائع فيها رب العلى والثمن جنة المأوى والواسطة محمد المصطفى ﷺ، وقوله ﴿ يقاتلون في سبيل الله ﴾ مقطوع ومستأنف وذلك على تأويل سفيان بن عيينة، وأما على تأويل الجمهور من أن الشراء والبيع إنما هو مع المجاهدين فهو في موضع الحال، وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وأبو عمرو والحسن وقتادة وأبو رجاء وغيرهم :" فيَقتلون " على البناء للفاعل " ويُقتلون " على البناء للمفعول، وقرأ حمزة والكسائي والنخعي وابن وثاب وطلحة والأعمش بعكس ذلك، والمعنى واحد إذ الغرض أن المؤمنين يقاتلون فيوجد فيهم من يَقتل وفيهم من يُقتل وفيهم من يجتمعان له وفيهم من لا تقع له واحدة منهما، وليس الغرض أن يجتمع ولا بد لكل واحد واحد، وإذا اعتبر هذا بان، وقوله سبحانه ﴿ وعداً عليه حقاً ﴾ مصدر مؤكد لأن ما تقدم من الآية هو في معنى الوعد فجاء هو مؤكداً لما تقدم من قوله :﴿ بأن لهم الجنة ﴾، وقال المفسرون : يظهر من قوله :﴿ في التوراة والإنجيل والقرآن ﴾، أن كل أمة أمرت بالجهاد ووعدت عليه.