والرابع للتوسع إلى التجرد عن قيود الباطن، والخامس والسادس للجمع بين كمال الباطن والظاهر، والسابع للسير إلى إفاضة ذلك على الغير، والثامن للدوام على تلك الحدود بترك جميع القيود.
فمقصود الآية العروج من الحضيض الجسماني إلى الشرف الروحاني ؛ ثم أمره ـ ﷺ ـ بتبشير المتخلق بهذه الأوصاف عاطفاً لأمره به على محذوف تقديره - والله أعلم : فأنذر من تخلى منها بكل ما يسوءه بعد سجنه في دار الشقاوة فإنه كافر وبشرهم، أي هؤلاء الموصوفين، هكذا كان الأصل الإضمار، ولكنه أظهر ختاماً بما به بدأ وتعليقاً يالوصف وتعميماً فقال :﴿وبشر المؤمنين﴾ أي المتخلقين بها بكل ما يسرهم بعد تخصيصهم بدار السعادة، وفي ختم الآيتين بالبشارة تارة من الخالق وتارة من أكمل الخلائق أعظم مزية للمؤمنين، وفي جعل الأولى من الله أعظم ترغيب في الجهاد وأعلى حث على خوض غمرات الجلاد، وفي ابتداء الأيتين بالوصف المعشر بالرسوخ في الإيمان الذي هو الوصف المتمم للعشر وختمهما بمثله إشارة إلى أن هذه مائدة لا يخلس عليها طفيلي، وأن من عدا الراسخين في درجة الإهمال لا كلام معهم ولا التفات بوجه إليهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٩٠ ـ ٣٩٢﴾


الصفحة التالية
Icon