والجهاد يوجب الترغيب في الإيمان، والزجر عن الكفر.
والجهاد داخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأما دخول الواو في قوله :﴿والناهون عَنِ المنكر﴾ ففيه وجوه :
الوجه الأول : أن التسوية قد تجيء بالواو تارة وبغير الواو أخرى.
قال تعالى :﴿غَافِرِ الذنب وَقَابِلِ التوب شَدِيدِ العقاب ذِي الطول﴾ [ غافر : ٣ ] فجاء بعض بالواو، وبعض بغير الواو.
الوجه الثاني : أن المقصود من هذه الآيات الترغيب في الجهاد فالله سبحانه ذكر الصفات الستة، ثم قال :﴿الأمرون بالمعروف والناهون عَنِ المنكر﴾ والتقدير : أن الموصوفين بالصفات الستة، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
وقد ذكرنا أن رأس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورئيسه ؛ هو الجهاد، فالمقصود من إدخال الواو عليه التنبيه على ما ذكرنا.
الوجه الثالث : في إدخال الواو على هؤلاء، وذلك لأن كل ما سبق من الصفات عبادات يأتي بها الإنسان لنفسه، ولا تعلق لشيء منها بالغير.
أما النهي عن المنكر فعبادة متعلقة بالغير، وهذا النهي يوجب ثوران الغضب وظهور الخصومة، وربما أقدم ذلك المنهي على ضرب الناهي وربما حاول قتله، فكان النهي عن المنكر أصعب أقسام العبادات والطاعات، فأدخل عليها الواو تنبيهاً على ما يحصل فيها من زيادة المشقة والمحنة.
الصفة التاسعة : قوله :﴿والحافظون لِحُدُودِ الله﴾ والمقصود أن تكاليف الله كثيرة وهي محصورة في نوعين : أحدهما : ما يتعلق بالعبادات.
والثاني : ما يتعلق بالمعاملات.
أما العبادات فهي التي أمر الله بها لا لمصلحة مرعية في الدنيا، بل لمصالح مرعية في الدين ؛ وهي الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والإعتاق والنذور وسائر أعمال البر.
وأما المعاملات فهي : إما لجلب المنافع وإما لدفع المضار.


الصفحة التالية
Icon