الخامسة هذه الآية منسوخة بقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ المؤمنون لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً ﴾ وأن حكمها كان حين كان المسلمون في قلّة، فلما كثروا نُسخت وأباح الله التخلف لمن شاء، قاله ابن زيد.
وقال مجاهد : بعث النبيّ ﷺ قوماً إلى البوادي ليعلموا الناس فلما نزلت هذه الآية خافوا ورجعوا ؛ فأنزل الله :﴿ وَمَا كَانَ المؤمنون لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً ﴾.
وقال قتادة : كان هذا خاصّاً بالنبيّ ﷺ، إذا غزا بنفسه فليس لأحد أن يتخلف عنه إلا بعذر ؛ فأما غيره من الأئمة والولاة فلمن شاء أن يتخلف خَلْفَه من المسلمين إذا لم يكن بالناس حاجة إليه ولا ضرورة.
وقول ثالث أنها محكمة ؛ قال الوليد بن مسلم : سمعت الأوزاعيّ وابن المبارك والفَزَاريّ والسَّبِيعي وسعيد بن عبد العزيز يقولون في هذه الآية إنها لأوّل هذه الأمة وآخرها.
قلت قول قتادة حسن، بدليل غزاة تبوك، والله أعلم.
السادسة روى أبو داود عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال :" "لقد تركتم بالمدينة أقواماً ما سِرْتم مسيراً ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه" قالوا : يا رسول الله، وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة.
؟ قال :"حبسهم العذر".
خرجّه مسلم من حديث جابر قال : كنا مع رسول الله ﷺ في غزاة فقال :"إن بالمدينة لرجالاً ما سِرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم المرض" " فأعطى رسول الله ﷺ للمعذور من الأجر مثلَ ما أعطى للقوي العامل.
وقد قال بعض الناس : إنما يكون الأجر للمعذور غير مضاعف، ويضعف للعامل المباشر.