ولما كان الاستفهام في قولهم :﴿ أيّكم ﴾ للاستهزاء كان متضمناً معنى إنكار أن يكون نزول سور القرآن يزيد سامعيها إيماناً توهماً منهم بأن ما لا يزيدهم إيماناً لا يزيد غيرهم إيماناً، يقيسون على أحوال قلوبهم.
والفاء في قوله :﴿ فأما الذين آمنوا ﴾ للتفريع على حكاية استفهامهم بحملهِ على ظاهر حاله وصرفه عن مقصدهم منه.
وتلك طريقة الأسلوب الحكيم، وهو : تلقي المخاطب بغير ما يترقب بحمل كلامه على خلاف مراده لنكتة، وهي هنا إبطال ما قصدوه من نفي أن تكون السورة تزيد أحداً إيماناً قياساً على أحوال قلوبهم فأجيب استفهامهم بهذا التفصيل المتفرع عليه، فأثبت أن للسورة زيادة في إيمان بعض الناس وأكثرَ من الزيادة، وهو حصول البشر لهم.
وارتُقِيَ في الجواب عن مقصدهم من الإنكار بأن السورة ليست منفياً عنها زيادة في إيمان بعض الناس فقط بل الأمر أشد إذ هي زائدة في كفرهم، فالقِسم الأول المؤمنون زادتهم إيماناً وأكسبتهم بشرى فحصل من السورة لهم نفعان عظيمان، والقسم الثاني الذين في قلوبهم مرض زادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون.
فالوجه أن تكون جملة ﴿ وهم يستبشرون ﴾ معطوفة على جملة :﴿ فزادتهم إيماناً ﴾ وأن تكون جملة :﴿ وماتوا وهم كافرون ﴾ معطوفة على جملة :﴿ فزادتهم رجساً ﴾ لأن مضمون كلتا الجملتين مما أثرته السورة.
أما جملة :﴿ وهم كافرون ﴾ فهي حال من ضمير ﴿ ماتوا ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١٠ صـ ﴾